البطالة شوكة في خصر الوطن 1-2

قرأت مؤخرا العديد من المقالات التي تناولت قضية البطالة والسعودة ودور كل من الغرف التجارية ووزارة العمل, ووزارة الشؤون الاجتماعية, والحق يقال أن كل من قرأت له في هذا المجال كان حسه الوطني متدفقا بين سطور مقالته وكان مستقبل شباب الوطن هاجسه, آخر هذه المقالات كانت مقالة الدكتور مقبل صالح الذكير بعنوان “الرجوع إلى الصواب فضيلة” التي نشرت في جريدة الاقتصادية
بتاريخ 17 - 7 - 2008م, وكانت مقالة هامة وفيها تقدير لتراجع وزارة العمل عن قرار إجبار القطاع الخاص لتوظيف السعوديين, وإشادة بشجاعة وزير العمل الدكتور غازي القصيبي للعودة الى الصواب.

معظم المقالات التي قرأت مؤخرا عن البطالة تطرقت لبعض أو كل من النقاط التالية:

1- الكل متفق على أن التعاون مفقود بين الجهات ذات العلاقة للحد من البطالة وترشيد الاستقدام.

2- الحديث يدور حول التفاهم الذي تم مؤخراً بين وزارة العمل والغرف التجارية واسناد مهمة محاربة البطالة للغرف التجارية عبر تبني وتدريب العمالة السعودية وترشيد احتياجات القطاع الخاص من العمالة الأجنبية.

3- التساؤل إن كانت الغرف التجارية ستستطيع تحقيق تلك المهمة أكثر من وزارة العمل.

4- تقديم روشتة نصائح للغرف التجارية كي تنجح في تلك المهمة وأهم ما جاء في هذه الروشتة: المطالبة بالشفافية والانضباط الاداري, والحرص على نجاح هذه التجربة للخروج من شرنقة البيروقراطية الادارية.

5- التوجه الرسمي لتقليص السيطرة الحكومية على “مصالح الناس التجارية” والاشادة بتوجيهات الوزير الجديد للشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين الذي أجاب على سؤال أحمد فتيحي في حفل أقامه عبدالرحمن فقيه تكريما لمعاليه بأنه ينشد تقليص جهاز الوزارة الاداري لأدنى حد ممكن وبقصر نشاط الوزارة على المهام التخطيطية والاشرافية, ونقل المهام الاجرائية للجمعيات الخيرية ذاتها في المناطق التي تعمل بها. والاكتفاء بدور القائمين على أمر هذه الجمعيات, واعتبارهم أقدر على معرفة صنوف المحتاجين واعدادهم وتقدير حاجاتهم, من جهاز الوزارة نفسه.

6- التنويه بأن ثورة الاتصالات وأنظمة المعلومات والتطورات المتلاحقة التي نلمسها اليوم في أجهزة الحواسيب وأنظمتها التشغيلية شجعت على ربط الجمعيات الخيرية بمركز المعلومات الوطني, الأمر الذي رفع من مستوى كفاءة ادارة هذه الجمعيات.

7- التأكيد على أنه لن يكون لبرامج التنمية ولا الاعتمادات المالية الضخمة أي معنى من وجهة نظر عموم الناس, ما لم يعمهم خيرها, وتسهم في حل مشكلاتهم.

8- إن المجتمع سيرحب بأية ترتيبات تتسم بكفاءة أكبر لتقليص البطالة بين أبناء الوطن, وترشيد أكثر للاستقدام دون تعطيل لدور القطاع الخاص في مسيرة التنمية, أو اجباره على تحمل مسؤوليات هي من صميم عمل الحكومات.

9- تهنئة الغرف التجارية لتمكنها من انتزاع هذا الدور وإطلاق يدها لعمل المطلوب لمكافحة البطالة وترشيد الاستقدام, وإعفاء رجال الأعمال من ضغوط وزارة العمل وتهديداتها.

10- الكل يتابع وينتظر ماذا ستفعل الغرف التجارية بعدما أعطيت الحرية وأطلقت يديها.

بعد تأمل هذه المقالات جال في خاطري هاجس أفرز بعض الملاحظات والأمنيات التي أتمنى أن يتسع لها صدر الجهات ذات العلاقة:
كما نرى من النقاط المذكورة أعلاه أن هذه المقالات في معالجتها لمشكلة البطالة تتطرق إلى نصف قضايا الوطن تقريبا. وهذا يدل على قدرة مميزة لدى كتابنا الكرام على صيد أكثر من عصفور بحجر واحد. وهذه القدرة جديرة بالاشادة بها, حتى وأن لم تؤت مقالاتهم أكلها.

شخصيا لست متأكداً من ان القطاع الخاص أكثر كفاءة ادارياً من القطاع الحكومي, يستثنى من ذلك بعض الشركات الكبرى والتي تعد على الأصابع مثل أرامكو وسابك وشركات الاتصالات.

وبحكم عملي كاستاذ جامعي اتابع طلابي الذين تخرجوا على مدى العشرين عاما الماضية وأصغي لهم وبعضهم يشتكون مرير الشكوى من حال القطاع الخاص والكثير منهم يقول ان العمل الحكومي أفضل وارحم, وان بعض رجال الأعمال السعوديين هم عبارة عن اشخاص لديهم نهم مادي ورغبة في تحقيق مردود مالي بأسرع وأسهل الطرق دون أي احساس بالمسؤولية الاجتماعية أو المسؤولية نحو الوطن, وان هذا البعض لا يتمتع بالقدرات الادارية ولا بالموضوعية في اتخاذ القرار فمنشآتهم الخاصة هي امتداد للعائلة وعلاقاتها وتأثيرها, ومعظم المديرين في القطاع الخاص هم من أقرباء وأرحام المالك, حتى لو كان المالك رجلا مستنيرا ويعمل على تغذية وتطعيم شركته بخبرات سعودية من خارج العائلة للتحول الى الادارة العلمية والموضوعية والأفكار الابداعية, تعلن على العناصر الدخيلة الحرب من بقية الأسرة وتبدأ محاولات الاستعباد والإذلال والتي تنتهي بلفظ العضو الغريب, ومحاربته في مستقبله الوظيفي.

فواقع العاملين في معظم القطاعات الحكومية أفضل من أمثالهم في القطاع الخاص, أما سر استمرارية هذه المنشآت المهترنة اداريا والمتهالكة تنظيميا هو العلاقات الشخصية ونفوذ اصحابها من جانب وسوء تنظيم العمل التجاري في منطقتنا ككل من جانب آخر هو الذي يمكنهم من الاستمرار وكسب المزيد من المال دون فائدة أو اضافة للوطن والمواطن. هنا يجب أن نتوقف ونؤكد بأننا قلنا بعض وان هناك الكثير من رجال الاعمال ليس كما ذكر اعلاه, وأحمد الله أن معظم اصدقائي من هذه الفئة التي تعمل بجد وصمت لتطوير أعمالهم مع العمل على تشجيع ودعم الخبرات السعودية الشابة وتبنيها والعمل على عزة ورفعة الوطن ما استطاعت الى ذلك سبيلا. واني احرص ان أوجه كل من يتذمر من طلابي من العمل في القطاع الخاص بأن العمل الجاد والالتزام بالصدق والموضوعية والتعامل بولاء واخلاص للشركة التي يعملون بها لابد ان يؤتي أكله, حتى ولو كره الحاسدون, ولكل مجتهد نصيب ومن جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل.

كنت اتمنى ان تكون وزارتا العمل والشؤون الاجتماعية آخر جهة حكومية تقلص افرعها وعدد موظفيها بل على العكس اتمنى ان تنتشر أكثر وتغطي الأطراف والمناطق النائية ايضا, فهؤلاء أبناء وبنات الوطن قد يكون لديهم حب وولاء أكثر من بعض سكان المدن, وان لاتكتفي بنشاط الجمعيات الخيرية. ففي كل دول العالم المتحضر الانسان وخدمته ومعالجة قضاياه الحياتية ومكافحة العوز والفقر هي مسؤولية الجميع وعلى رأسهم الجهات الحكومية وليس الجمعيات الخيرية فقط. وذكر معظم الكتاب في مقالتهم بأنه “لن يكون لبرامج التنمية ولا الاعتمادات المالية الضخمة أي معنى من وجهة نظر عموم الناس, مالم يعمهم خيرها, وتسهم في حل مشكلاتهم”.

آخر تحديث
4/12/2009 4:01:13 PM