البطالة شوكة في خصر الوطن 2-2

تحدثت في المقال السابق عن قضية البطالة والسعودة ودور الغرف التجارية ووزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية وذكرت عددا من المشاكل واليوم اذكر البعد الآخر للمشكلة وهو التدريب والتعليم. فلا مفر من الربط المباشر لمخرجات التعليم العالي مع متطلبات الأعمال التجارية التي تحولت الى اقتصاد المعرفة (Knowledge Economy) وبالتالي يكون لدينا خريجون بمهارات وقدرات تؤهلهم للقفز فوق الفجوة الرقمية (digital gap), واتمنى أن تم تمويل مشاريع كراسي البحث العلمي بالجامعات السعودية التي بدأ التوجه الى ايجادها مؤخرا بمساهمة من الحكومة والقطاع الخاص لتقدم دراسات لحل هذه المعضلة.
 
ومن الأهمية بمكان إتاحة الفرصة للقطاع الخاص بالمشاركة في اعداد خطط التعليم العالمي المستقبلية وتغذية الجامعات بالمتطلبات والمؤهلات التي يحتاجها ليتم التعليم التقني والتدريب العملي للطلاب في الجامعات ليتخرجوا ويجدوا الفرص الوظيفية تتجاذبهم في الشركات والمؤسسات والمصانع الذي تقل نسبة السعوديين العاملين فيها عن 15% حسب وزارة العمل.
وفي الحقيقة شهدت معاهد التدريب المهني وكليات التقنية بعض التطور في السنوات الأخيرة, ومع ذلك تعتبر جهات مقصرة في مسؤوليتها عن تدريب الشباب والشابات السعوديين للأعمال المهنية المطلوبة في سوق العمل, فينبغي تطوير برامجها التدريبية لتكون التقنية وسيلة وغاية لها والتركيز على اجادة اللغة الانجليزية واستخدام الحاسب الآلي لتؤهل خريجيها للعمل في مجالات التوظيف التي يمكن لوزارة العمل ان تحرص على توفيرها للمواطنين في القطاع العام والخاص.

إننا أمام معضلة وطنية (National Dilemma) من العيار الثقيل فمشكلة البطالة متشابكة لا نستطيع السيطرة عليها وكل عناصر الحل متنافرة ومتهربة من مسؤوليتها, وهي من أخطر القضايا التي تواجه الوطن ولقد اطلعت على دراسة علمية سعودية حديثة عن خطورة البطالة على المجتمع السعودي وما تقود اليه من انحراف ووقوع في مشاكل اجتماعية وانحرافات سلوكية خطيرة قامت بها جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية, إن نسبة البطالة في المملكة في تزايد مستمر.
 
وحذرت الدراسة من أن 69 في المائة من السجناء في السعودية ترجع أسباب سجنهم الى عدم توفر وظيفة أو مصدر رزق لهم, وأن 85 في المائة تعرضت أسرهم لانحرافات سلوكية بسبب غياب ولي الأمر. وأوضحت الدراسة ان العمالة السعودية في السوق السعودية تمثل نسبة 12 في المائة فقط فيما تمثل العمالة الأجنبية الوافدة 88 في المائة ويبلغ عددها نحو خمسة ملايين عامل وان هذه العمالة تحول الى الخارج سنويا مبلغ 14.66 مليار دولار أي ما يعادل 55 مليار ريال.

فهل يترك أمر بهذه الخطورة على الوطن لبعض من رجال أعمال وجمعيات خيرية فاجأتنا في السابق بأن “مرزاب بعضها براني” (خارجي). وإذا كان لابد من التعامل الخارجي فليكن بالاستفادة من الخبرات العالمية لمعالجة مشكلة البطالة ووضع مشروع استراتيجي كبير تشرف عليه هيئة عليا نسميها هيئة الحرب العليا (حرب على البطالة, لأن الموضوع في رأيي وصل لهذا الحد من الخطورة) تشارك فيه العديد من الجهات ذات العلاقة تستند الى أسس علمية وعملية وتقدم حلولا مدروسة ومجربة وأثبتت نجاحها وتشرف على تنفيذها بموجب جدول زمني محدد وتدعم بأقوى الصلاحيات وتنفذ توصياتها بقوة النظام. ولاننسى أن نذكر ما قاله ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه (وقد كان رجل أعمال قبل أن يصبح أميراً للمؤمنين) حيث قال: “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.

 
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20080802/Con20080802213948.htm

آخر تحديث
4/12/2009 3:54:47 PM